على ضفة منخفضة يمنى لنهر "العاصي" يتوضع مقام "حسان بن ثابت" في منطقة "باب الجسر" وهو مقام كثيراً ما حفّز المارّة وجعلهم يتوقفون ويتساءلون عمّا إذا كان فعلاً مقام الصحابي "حسّان بن ثابت الأنصاري" ذاته شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم.
ما الفرق بين "الضريح" و"المقام" ؟
يقول الدكتور "حافظ الحموّد" مدير أوقاف "حماة":
الضريح:
«الضريح هو مكان القبر الحقيقي للشخص الذي انتقل إلى رحمة الله، وكان الشهيد يدفن عادة في المكان الذي استشهد فيه، مثال ذلك شهداء غزوة "أُحد".
المقام:
أما المقام فهو المكان الذي يقيم فيه الصحابي لفترة من الزمن ثم يرحل عنه إلى مكان آخر، ومثال ذلك مقام "زين العابدين" الموجود في جبل "زين العابدين" الذي أقام فيه فترة زمنية، بينما ضريحه موجود في مقبرة "البيقع"».
وإلى الآن لا يوجد شيء مثبت في سجلات أوقاف "حماة" فيما إذا كان المقام هو حقيقي أم لا.
ويقول مدير الآثار في "حماة" المهندس "جمال رمضان":
«ليس لدينا ما يؤكد كون المقام لشاعر الرسول "حسّان بن ثابت الأنصاري"، ولكنّا نغلّب أن لا يكون له علاقة به، وأن يكون المقام لشخص آخر يحمل نفس الاسم».
ويتحدث سكان المنطقة عن عدد من المقامات القريبة من مقام "حسّان بن ثابت"، كمقام "اليونسي"، ومقام "البنجكي"، على أنها مقامات لرجالات دين في في العهد العثماني، وكذلك كان يعتقد أن مقام الشيخ "حسّان" هو أحد المقامات لرجل من العهد العثماني.
يقول المهتم بتاريخ "حماة" السيد "منجد منصور":
«كان يوجد في المنطقة جامع اسمه "الشيخ حسّان"، وكان بالقرب منه مغارة فيها حجر قديم، لم يعرف عنها أي شيء، أما المقام فهو شيء محدث».
الأستاذ الباحث "عبد الرزاق الأصفر" ابن المنطقة يقول:
لا يوجد شيء اسمه مقام "حسّان بن ثابت" في هذا المكان والبناء الموجود مشاد حديثاً، فمن المؤكد عدم مروره من مدينة "حماة" بعد الإسلام، وأنه لم يغادر المدينة المنورة منذ إسلامه حتى وفاته.
منذ الصغر كنّا نقول "الشيخ حسّان"، إلى أن جاء البعض ووضعوا قطعة خشبية كتبوا عليها "مقام الصحابي حسّان بن ثابت"، حيث كان يوجد قبر صاحبه مجهول في المغارة.
كانت تنتشر المقامات سابقاً على أطراف العاصي، وكان بالقرب من المغارة الحالية قبو هو مسجد مملوكي بطول عشرة أمتار وعرض ستة أمتار تقريباً، كان يقال له "الجامع البرّاني" أو جامع "حسان بن ثابت"، وكنّا نستخدمه للتظلل، ويجاور هذا المسجد نهر العاصي، فكان الناس يتوضؤون من النهر ويدخلون إلى الجامع فوراً للصلاة؛ وعندما فتحوا مجرور "الحاضر" وقناة درء السيول كُشفَ سقف المسجد وانطمر وبقي منه الجدار المطلّ على نهر العاصي.
وقد تحدث المؤرّخ الشيخ "أحمد الصابوني" عن المقام في كتابه "تاريخ حماة" فقال:
«"حسّان ابن ثابت الأنصاري" رضي الله عنه في حيّ "باب الجسر" على كتف "العاصي" في جامع مهجور قبر يسمى صاحبه بهذا الاسم ومن المحقق أن "حسّان" رضي الله عنه كف بصره في شيخوخته في المدينة المنورة وتوفي فيها، فالقبر إذاً في المحلة المذكورة مقام مبني على الرؤيا أو غيرها».
![]() |
باب الجسر ومقام الشيخ حسان كما يقال في مقدمة الصورة على اليمين. |