![]() |
حلويات الشِّتاء في مدينة حماة |
لا أعني بالحلويات هنا الكنافة والبقلاوة وزنود السِّت والفاتح تمُّو وما يمتُّ إلى هذه الأصناف بصِلة، فهذه الأصناف ترتبط عادة بالمَواسم والأعياد والمناسبات الاجتماعيَّة بشكلٍ عامٍّ، ولكنَّني أعني أصنافًا أخرى أرخص منها كانت في متناول أيْدي الطبقات الفقيرة من النَّاس..
فما إن يخيِّم الشِّتاء ببَرْدِه القارس، وأمطاره الغزيرة، ورُعوده القاصفة، وبُروقه اللَّامعة حتى تجد الحمويِّين يتهافتون على صانعي هذه الأصناف من الحلويات يشترونها جاهزة، أو يُكمِلون تجهيز بعضها الآخر بالبيوت، ومنها:
القطايف بنوْعَيْهِ، القطايف العَصافيري الذي يُحشى بالشَّمندور أو البيريت أو القشّة العربيّة، والقطايف المَقلي الذي يُحشى إمَّا بالقشّة، أو بالجوز والقِرْفة ومسحوق جوز الهند والسُّكَّر، ثم يُغمسان بالقَطْر.
ولا تُذكرُ القطايف إلا وتُذْكَرُ معها السَّيَّالات التي تُحْشى بالجوز والسُّكَّر وجوز الهند والقِرْفة بَعْد أن تُقلى بالسَّمْن العرَبيِّ وتُطبَّق بَعْضُها فوق بَعْض.
والصِّنف الثُّالث من الحلويات التي تشتهَى في فصْل الشِّتاء، ويكثرُ بَيْعُها فيه: الشِّلِّق، التي هي عبارة عن رقائق العَجين الشَّفَّافة تُحْشَى طبقاتها كذلك بالجوز والمكسَّرات وجوز الهند والسُّكَّر والقِرْفة ويُقْلى لها بالسَّمْن العربيِّ الصَّافي ويُضيف إليْها بَعْضُهم قطراتٍ من ماء الزَّهْر.
أمَّا المشبَّك فيُعَدُّ في الشِّتاء صديق الصِّغار والكبار والأغنياء والفقراء والرِّجال والنِّساء تجد النَّاس مزدحمين أمام دكاكين بائِعيه وصانِعيه وكلٌّ منهم ينتظر دَوْرَهُ حاملًا مظلَّته في أثناء تدفُّق المَطر الغزير ، فقلَّما يدخل الرَّجل بيته إلا وهو حاملٌ طارةً أو أكثر من طارات المشبَّك السَّاخنة التي يسيل القطر منها فيزيدها حلاوة إلى حلاوة منظرها، ويُعطيها لمعانًا جميلًا أخَّاذًا.
أضِفْ إلى كلِّ ذلك الشّعيبيّات والفيْصليَّات والنَّمورة وحلاوة الجبن وبعض هذه الحلويَّات يجد فيها الشَّباب تسليتهم حتى في حمَّامات السُّوق العامّة.
الشِّتاء في حماة جميلٌ كما هو حال الفصول الأخرى ويزيد على بقية الفصول أنَّه كان يجمع أفراد الأسرة الواحدة حول منْقل الفحم أو المدفأة فيتسامرون، ويتمازحون، ويضحكون، ويُثريهم بالمزيد من المَحبَّة والتَّلاحُم والتآلف.
بقلم: محمد عصام علوش