![]() |
مدينة حماة | العصر العباسي | الجزء 27 |
مدينة حماة في العصر العباسي
في العصر العباسي .. وكون العباسيون طرازهم الخاص في بناء المساجد الذي ارتكز في الأساس على الفن المعماري الأموي، فطوروا القباب وطوروا المآذن الأموية،وقد تميزت المآذن العباسية بانفصالها عن كتلة المسجد والصعود إليها بسلم يلتف حول بنائها من الخارج على شكل حلزوني وتم استخدام المحاريب المسطحة.
وتأثر رخاء العباسيين ببساطة الإسلام وأسلوب الأمويين في العمارةوأهم العناصر المعمارية التي شاعت في الطراز المعماري العباسي هي الأكتاف والدعائم التي استخدمها بكثرة في العمائر عوضًا عن الأعمدة ،كما شاع استخدام الأواوين والأبواب المعقودة ، والأسوار الضخمة المدعمة بأبراج ، التغطيات المقببة والمعقودة، فالبيت مغلق من خارجه، مكشوف في داخله، حيث تجد نفسك أمام فناء رحيب تتوسطه بركة تتدفق منها المياه، ويحيط به الغرف الواسعة، والأشجار الباسقة والعرائش.
وترى البيت بسعته وتنسيقه ومحتوياته لكل متطلبات الصحة والراحة بالنسبة للأغنياء ومتوسطي الحال، ووفرة الزخارف والتزيينات الرائعة، سواء منها الرخامية المنوعة والأشكال والمتعددة الألوان، المستعملة في أقنية الدور وأحواض المياه والقاعات ومصاطب الجلوس، والخشبية منها المستعملة في إكساء السقوف والجدران والمطلية بأجمل الألوان, وبأنواع الكتابات والرسوم والخطوط التزيينية الجميلة والمستوحاة بأشكالها وتفاصيلها من روح الفن العربي الأصيل ، فمنها الواسعة جدا حيث تجمع الأب والأبناء والأحفاد وأسرهم تحت سقف واحد، وفي ذلك إتاحة لتلك العائلة القاطنة ضمن جدرانه المغلقة متعة الانعزال والانفراد بحياتها ومشاكلها عن مزعجات الجوار، وهي ميزة فريدة في تراث حماة القديم.
لقد بدأ تطور العمران في حماة للمساكن والأبنية الضخمة بعد عام 1036م 398هـ حيث يبنى البيت بالحجر الملون الأبيض والأسود إما بشكل منتظم كأن يكون صفا ( مدماك ) أبيض وآخر أسود ،أو يتشكل في الجدار بالحجارة أشكالا معينة ، وبطرق مختلفة هندسية منتظمة كالمعين والنجمة السداسية والدائرة وغير ذلك، أو غير منتظمة بالإضافة إلى الخشب المزخرف بشدة والمزين برسوم وكتابات دينية وشعرية وطبيعة، تظهر فيه الدقة في رسم الزخارف النباتية والحيوانية ، ومحاولة تمثيل الطبيعة وغير ذلك مما امتازت به الفنون البيزنطية.
و نجد الأشكال الدائرية الهندسية وبعض الموضوعات الزخرفية الأخرى التي كان استعمالها مكروهاً في الإسلام لما تدل عليه من البذخ والترف المخالفين لروح الدين الإسلامي ،الطراز العباسي تميز بالطراز الطولوني بنوع من الرسوم كرسم النباتات والمدادات والعرائش ، هذا فضلاً عن استخدام الجص في تهيئة الزخارف ،حتى أصبح في صدر المواد التي تستخدم في الزخارف بأشكال مختلفة، والكتابة والتحف في هذا الطراز الإسلامي حيث استعملوا الرخام المشقف والزخارف الحجرية السوداء والبيضاء والصفراء.
وكان يلاحظ فيها وجود فسحة سماوية بوسط البيت تعلوهاالقباب السوداء والبيضاء ، ويتوسط هذه الفسحة السماوية بحرة منفذة من الاجر المشوي والمكسوة احيانا بالرخام ،واحيانا اخرى باحجار سوداء وبيضاء وتزينها خيوط هندسية وفنية منحنية تتوزع على حافاتها الواح من الرخام او الحجر، كسيت جدرانها بالرخام المشقف والمطعم بالصدف، او يكون منقوشا من الحجر الزاخر بالفن والإبداع والاسقف يتوسطها ويحملها قوس حجرية ضخمة مزخرفة.
كما اهتموا بزراعة حديقة متكاملة وكاملة، فزرعواالأشجار والنباتات الشامية العريقة والزهور النادرة كالياسمين والفلة والورد الجوري والأزهار الموسمية ، وأشجارالعنب والنارنج والكباد والليمون الحلو والحامض والبرتقال وهي من الأشجار التي لا يتساقط ورقها في الشتاء.
هذا في البيوت والقصور الواسعة أما أصحاب البيوت الصغيرة فيزرعون النباتات صغيرة الحجم دائمة الخضرة، كالورق الأخضر وورق الليمون بأصص أو تنك توضع على الدرج والفسح الصغيرة ،وتزرع النباتات المزهرة بأحواض تحيط بالفسحة مثل الريحان والقرنفل وفم السمكة والسجادة وغيرذلك ،و يوجد في البيت الحموي الكثير من الزخاف التي تلفت النظر وتبهره.
وفي المقالة القادمة سأتكلم عن تطور البناءفي فترة حكم الفاطميين إن شاء الله.
المصادر والمراجع:
- توفيق أحمد عبد الجواد - العمارة الاسلامية.
- فكر وحضارة - المعمار الشامي – م.صبحي كحالة.
- المختصر في تاريخ البشر - أبو الفداء – تحقيق محمود ديوب – ج1 ص101و102.
- سورية الوسطى – ندوة دولية – أنطوان سليمان – سورية –ص17 سنة 1999.
- تاريخ حماة – الشيخ أحمد الصابوني –ص50.
– متحف حماة – عبد الرحيم المصري – ص 30و37و39 و44و47 عام 1965.
اعداد: عبد الله الطواشي